الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو الحلم الذي يتمناه كل مسلم في حياته، لأنه رحلة إيمانية فريدة تجمع بين العبادة والطاعة والتقرب من الله. ما يميز هذه الرحلة أنها لا تشبه أي رحلة أخرى، فهي تجمع بين الروحانية والتنظيم والجهد البدني في وقت واحد. ورغم صعوبتها أحيانًا، إلا أن السكينة والطمأنينة اللي بيحس بيها الحاج خلال أداء المناسك بتخليها تجربة لا تُنسى تظل محفورة في القلب طوال العمر.
عندما يسافر المسلم إلى مكة المكرمة، يبدأ مشواره الروحي من لحظة الإحرام، حيث يدخل في حالة من الطهارة والتجرد من متاع الدنيا، وكأنه يولد من جديد. ثم يبدأ الطواف حول الكعبة المشرفة، ذلك المشهد الذي يلمس القلوب ويشعر المسلم فيه بأنه جزء من أمة واحدة يجتمع أفرادها من كل مكان في العالم على كلمة واحدة. بعد ذلك يسعى الحاج بين الصفا والمروة، وهو إحياء لذكرى السيدة هاجر التي بحثت عن الماء لابنها إسماعيل حتى فجر الله لهما بئر زمزم المباركة.
أما الوقوف بعرفة فهو أعظم أركان الحج وأكثرها روحانية، حيث يقف ملايين الحجاج في مكان واحد في مشهد مهيب يرفعون الدعاء إلى الله ويتضرعون إليه. هذا اليوم هو يوم الغفران والرحمة، وهو اليوم الذي يخرج فيه الحاج بقلب جديد مليء بالسكينة والصفاء. بعده ينتقل الحجاج إلى مزدلفة ومنها إلى منى لرمي الجمرات، في مشهد يعبر عن طاعة الله والتخلص من وساوس الشيطان.
رحلة الحج ليست مجرد أداء مناسك، لكنها أيضًا مدرسة يتعلم فيها المسلم الصبر والالتزام والنظام، ويشعر خلالها بمعنى الوحدة والمساواة، فلا فرق بين غني وفقير، ولا بين عربي وأعجمي، الكل يرتدي ثياب الإحرام البيضاء ويقف أمام الله سواسية.
شركات السياحة المتخصصة في الحج تحرص دائمًا على تنظيم هذه الرحلة بشكل مريح، بداية من استخراج التأشيرات وحتى توفير أماكن الإقامة القريبة من الحرم المكي والنبوي، مرورًا بتقديم وسائل مواصلات مريحة وخدمات طبية وإشراف كامل من مشرفين ذوي خبرة. الهدف من كل ذلك أن ينشغل الحاج بعبادته فقط، ويؤدي المناسك بكل طمأنينة وراحة.
الحج بالفعل هو رحلة العمر، رحلة يتمنى كل مسلم أن يكتبها الله له، لأنها ليست مجرد سفر وإنما ولادة جديدة تعود بعدها بقلب أنقى وروح أكثر قربًا من الله. وكل من أتم هذه الفريضة يشعر بأن حياته تغيرت، وأنه خرج من هذه التجربة محمّلًا بزاد إيماني يكفيه لبقية عمره.